السبت، 26 سبتمبر 2009

أرزاق



من قلب الليل يأتى النهار
و من قلب الظلم تأتى الرحمة
و من المحال أن نأمل دوام الحال
هكذا بدأ الكاتب الجميل والمبدع نبيل فاروق روايته الرائعة أرزاق
و التى انتظر الجزء الرابع منها من سنين طويلة!
يرسم فيها البيئة الاجتماعية والسياسية للمجتمع المصرى فى فترة ثورة
حسين الأخ الاكبر هو من اكثر الشخصيات التى لفتت انتباهى بكل تقلباته ومتناقضاته
كنت احيانا اكرهه بشدة لظلمه وجبروته على مفيد الرقيق المهذب الرومانسى
و هو اخيه الأصغرو أحيانا كنت احبه جدا فى لحظات حنانه
كان على استعداد ان يحن ويغفر الى أقصى الحدود بشرط ألا يتعارض هذا مع طموحه
وقتها ينقلب الى وحش كاسر يدوس الكل بأقدامه بلا رحمة حتى اقرب الناس اليه
و الغريب أنه لم يكسر انفه الا الحب!!
حب الاميرة عايدة الوحيدة التى دق قلبه الحجرى لها
والتى اذاقته المر ألوانا بخداعها له
وفى اللحظة التى استطاع أن ينتقم فيها منها ورأها امامه مكبلة وذليلة تنتظر العقاب
هى نفس اللحظة التى أدرك فيها ان هذه المرأة متغلغلة و أنها نقطة ضعفه
فلم يستطع ان يمسها بسوء
بل اطلقها وأكرمها وساعدها على السفر
و هى نفس اللحظة التى أدركت هى فيها انه لها وأنها له رغم كل مساوئها و عيوبها
الا انها لم تنس أبدا أنه يحبها بحق
والمرأة لا تنسى أبدا رجلا احبها بحق و لو لم تحبه
عجيب بالفعل أمر هذا الحب
لطالما أثار تأملاتى وتفكيرى
أنه يكسر كل القواعد التى حرصنا طوال عمرنا على تثبيتها وترسيخها بداخلنا
يكسر كل منطق تبنيناه يوما ما
نظل نتشدق بالحكم وكلام العقل حتى نحب حبا حقيقيا
يومها تكسر انوفنا رغما عنا
نجده يجذبنا بمغناطيسية عجيبة نحو كل ما هو مخالف لطبائعنا
تماما كما حدث مع حسين
أحيانا اشعر انه العقاب الربانى للبعض!!
الذى يجعلهم يعيدون حساباتهم و قوانينهم فى الحياة
و يجعلهم يتذكرون كم اذوا الاخرين بجمودهم و نعرتهم العقلانية المبالغ فيها احيانا
و التى تكون ستارا لاخفاء الضعف اكثر منه اى شئ أخر
يشعرون بعذاباتهم و يتمنون أن يعود الزمن الى الوراء حتى يصححوا أخطاءهم
هو ذل فى كثير من الاحيان
لانه يفقدك منطقك ويجعلك تقوم بردود أفعال لم تعتدها من قبل
يكسر كل قوة وارادة داخلك
والعجيب انك احيانا تكون مستمتعا بهذا الى اقصى درجة
و هذا ما يثير جنونك أكثر وأكثر!
و هذا ما حدث مع حسين الذى كان يظن أن قلبه قد من صخر
الى أن قابل حبا حقيقيا من وجهة نظره على الأقل
فعايدة لم تكن المرأة المناسبة لفلاح من بيئة متحفظة مثله
ولكنه الحب الذى يكسر كل القواعد
ويزلزل كل المسلمات
و منذ متى كان هذا الكيان الوهمى المسمى بالحب يعترف بالقوانين والمسلمات
هو بالفعل كيان هلامى وهمى يعبر عن رغبة البشر الحمقاء للوصول للكمال ولعالم المثال كما احب ان أصفه دائما!
أعتقد ان لغة الارقام والحسابات هى ارحم لغة
لانها تجعلك تقف على أرض صلبة
تستنتج النتائج بناءا على الأسباب
أما الهلام فيفقدك توازنك
وسيطرتك على ذاتك
لا اعلم لماذا دعانى الحديث للخوض فى هذه النقطة ولكنه تداعى الأفكار اللعين!
هل ما قلته كلام من العقل ام من القلب؟
لا أدرى هو كلام يعبر عنى وقت كتابته وكفى

ليست هناك تعليقات: