قبل التحاقى بكلية الطب كنت قد التحقت بكلية الهندسة
ثم أعدت أداء امتحانات الثانوية العامة و قد كان هذا متاحا وقتها
و دخلت كلية الطب
و فى كلية الهندسة التى قضيت فيها شهرين فقط لا غير
تعلمت كما لم أتعلم من قبل!
و من بين ما تعلمت
أنه كان هناك أستاذا جامعيا لمادة الرياضيات
يكتب إهداءا عجيبا على أولى صفحات كتاب مادته
(إلى الكلية التى خرجت منها مطرودا وعدت إليها أستاذا)!
استغرب الطلاب هذا و سألوا الأستاذ فضولا عن معنى الإهداء
فحكى لهم قصته
أنه فى بداية حياته التحق بكلية الهندسة و رسب في السنة الأولى مرتين متتاليتين
و لهذا -وحسب قوانين الجامعة- تم فصله من كلية الهندسة بشكل نهائى
خرح منها مهزوما مطرودا و شعور بالفشل يحوطه من كل جانب
فقرر أن يهزم هذا الفشل
و قدم أوراقه لآخر كلية يمكن أن يتخيل المحيطون أن يلتحق بها فاشل مثله(و هذا بالطبع على حسب رأيهم به)
كلية العلوم!
على ما هى عليه من سمعة سيئة فى صعوبة المواد الدراسية والنظام العقيم و غيرها الكثير من المعوقات
و لم يكتفِ بهذا
بل التحق بقسم الرياضيات البحتة!
و هو من أصعب أقسام الكلية لمن يعلم هذا
المهم
اجتهد كما لم يجتهد من قبل
كانت معركته ضد نفسه!
حتى عين معيدا فى كليته!
سبحان الله العلى القدير
و تمر الأيام وتحدث المفارقة
مصداقا لقوله تعالى
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
تعانى كلية الهندسة- جامعة القاهرة -بعجز فى أساتذة مادة الرياضيات
و يطلبون منتدبين من كلية العلوم!
و يقع الاختيار عليه هو من دون جميع زملائه!
يا الله!
أراه بعين الخيال يعود منتصرا مرفوع الرأس بعد خروجه من بابها يوما مهدل الكتفين مهزوم يحمل أوراقه وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت
تلاحقه أشباح الفشل والخذلان
عجيب هو أمر هذا الإنسان
تأتى عليه لحظات يظن أنها نهاية العالم
و أن قدراته مهترئة
ثم لا تلبث أن تأتيه لحظة التنوير التى تبث بداخله الطاقة والقوة و التى لم يظن هو نفسه يوما أنه يحملها بين جنبيه
و لكن من يبحث عنها لابد واجدها و إن طال السواد وعظم
قد تكون البداية الحقة فى فشل محقق
أنت أيها الإنسان وأنت فقط من يمكنك تحويل طاقة الفشل لنجاح متوهج تحكى عنه الأيام وتتداوله الأنام
تماما كما حكيت أنا الآن قصة هذا الإنسان العظيم
هى طاقة نور وددت بثها فى كل نفس أضعفتها الأحداث وانهالت عليها الأزمات
فلتتذكر دوما أن كل ليل له آخر
و أن أشد درجات الظلمة هى تلك التى تسبق انبلاج الفجر مباشرة
فآمن بنفسك و إن كفر بها الآخرون
فإن الله الذى كرمك على جميع مخلوقاته لابد أنه خلق بداخلك من القدرات ما يؤهلك لهذا التكريم
و ابحث عنك حتى تجدك..وإن طال أمد البحث
ولا تكن يوما مجرد سلسلة من ردود الأفعال لأفعال الآخرين أو لنظرتهم لك..
ولا تضعك فى قالب ما لمجرد أن الآخرين يرونك فيه
كن أنت وأنت فقط ..
دمتم على يقين وأمل